سورة النور - تفسير تفسير النسفي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النور)


        


وقوله: {إِلاَّ الذين تَابُواْ مِن بَعْدِ ذلك} أي القذف {وَأَصْلَحُواْ} أحوالهم استثناء من الفاسقون ويدل عليه {فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ} أي يغفر ذنوبهم ويرحمهم. وحق الاستثناء أن يكون منصوباً عندنا لأنه عن موجب، وعند من جعل الاستثناء متعلقاً بالجملة الثانية أن يكون مجروراً بدلاً من (هم) في {لهم}.
ولما ذكر حكم قذف الأجنبيات بين حكم قذف الزوجات فقال: {والذين يَرْمُونَ أزواجهم} أي يقذفون زوجاتهم بالزنا {وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَاء} أي لم يكن لهم على تصديق قولهم من يشهد لهم به {إِلاَّ أَنفُسُهُمْ} يرتفع على البدل من شهداء {فشهادة أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ} بالرفع كوفي غير أبي بكر على أنه خبر والمبتدأ {فشهادة أحدهم} وغيرهم بالنصب لأنه في حكم المصدر بالإضافة إلى المصدر، والعامل فيه المصدر الذي هو {فشهادة أحدهم} وعلى هذا خبره محذوف تقديره فواجب شهادة أحدهم أربع {شهادات بالله إِنَّهُ لَمِنَ الصادقين} فيما رماها به الزنا {والخامسة} لا خلاف في رفع الخامسة هنا في المشهور والتقدير والشهادة الخامسة {أَنَّ لَعْنَةَ الله عَلَيْهِ} فهي مبتدأ وخبر {إِن كَانَ مِنَ الكاذبين} فيما رماها به من الزنا {وَيَدْرَؤُاْ عَنْهَا العذاب} ويدفع عنها الحبس وفاعل يدرأ {أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بالله إِنَّهُ} إن الزوج {لَمِنَ الكاذبين} فيما رماني به من الزنا.


{والخامسة أَنَّ غَضَبَ الله عَلَيْهَا إِن كَانَ} أي الزوج {مِنَ الصادقين} فيما رماني به من الزنا.
ونصب حفص {الخامسة} عطفاً على {أربع شهادات} وغيره رفعها بالابتداء و{أن غضب الله} خبره. وخفف نافع {أن لعنة الله} و{أن غضب الله} بكسر الضاد وهما في حكم المثقلة و{أن غضب الله} سهل ويعقوب وحفص وجعل في جانبها لأن النساء يستعملن اللعن كثيراً كما ورد به الحديث. فربما يجترئن على الإقدام لكثرة جري اللعن على ألنستهن وسقوط وقوعه عن قلوبهن، فذكر الغضب في جانبهن ليكون رادعاً لهن. والأصل أن اللعان عندنا شهادات مؤكدات بالإيمان مقرونة باللعن قائمة مقام حد القذف في حقه ومقام حد الزنا في حقها، لأن الله تعالى سماه شهادة. فإذا قذف الزوج زوجته بالزنا وهما من أهل الشهادة صح اللعان بينهما، وإذا التعنا كما بين في النهر لا تقع الفرقة حتى يفرق القاضي بينهما. وعند زفر رحمه الله تعالى تقع بتلاعنهما والفرقة تطليقة بائنة، وعند أبي يوسف وزفر والشافعي تحريم مؤبد. ونزلت آية اللعان في هلال بن أمية أو عويمر حيث قال: وجدت على بطن امرأتي خولة شريك بن سحماء فكذبته فلاعن النبي صلى الله عليه وسلم بينهما {وَلَوْلاَ فَضْلُ الله} تفضله {عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ} نعمته {وَأَنَّ الله تَوَّابٌ حَكِيمٌ} جواب (لولا) محذوف أي لفضحكم أو لعاجلكم بالعقوبة.


{إِنَّ الذين جَاءوا بالإفك} هو أبلغ ما يكون من الكذب والافتراء، وأصله الأفك وهو القلب لأنه قول مأفوك عن وجهه والمراد ما أفك به على عائشة رضي الله عنها، قالت عائشة: فقدت عقداً في غزوة بني المصطلق فتخلفت ولم يعرف خلو الهودج لخفتي، فلما ارتحلوا أناخ لي صفوان بن المعطل بعيره وساقه حتى أتاهم بعد ما نزلوا فهلك فيّ من هلك، فاعتللت شهراً وكان عليه الصلاة والسلام يسأل «كيف أنت» ولا أرى منه لطفاً كنت أراه حتى عثرت خالة أبي أم مسطح فقالت: تعس مسطح فأنكرت عليها فأخبرتني بالإفك، فلما سمعت ازددت مرضاً وبت عند أبوي لا يرقأ لي دمع وما أكتحل بنوم وهما يظنان أن الدمع فالق كبدي حتى قال عليه الصلاة والسلام «ابشري يا حميراء فقد أنزل الله براءتك» فقلت: بحمد الله لا بحمدك {عُصْبَةٌ} جماعة من العشرة إلى الأربعين واعصوصبوا اجتمعوا وهم: عبد الله بن أبي رأس النفاق، وزيد بن رفاعة، وحسان بن ثابت، ومسطح بن أثاثة، وحمنة بنت جحش ومن ساعدهم {مّنكُمْ} من جماعة المسلمين وهم ظنوا أن الإفك وقع من الكفار دون من كان من المؤمنين {لاَ تَحْسَبُوهُ} أي الإفك {شَرّاً لَّكُمْ} عند الله {بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ} لأن الله أثابكم عليه وأنزل في البراءة منه ثماني عشرة آية، والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعائشة وصفوان ومن ساءه ذلك من المؤمنين {لِكُلّ امرئ مّنْهُمْ مَّا اكتسب مِنَ الإثم} أي على كل امرئ من العصبة جزاء إثمه على مقدار خوضه فيه، وكان بعضهم ضحك وبعضهم تكلم فيه وبعضهم سكت.
{والذى تولى كِبْرَهُ} أي عظمه عبد الله بن أبيّ {مِنْهُمْ} أي من العصبة {لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} أي جهنم. يحكى أن صفوان مر بهودجها عليه وهو في ملأ من قومه فقال: من هذه؟ فقالوا: عائشة. فقال: والله ما نجت منه ولا نجا منها. ثم وبخ الخائضين فقال:

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8